فصل


قال الشيخ محمد أبو زهرة :
سورة الأنعام
" تعريف "
سورة الأنعام قالوا إنها نزلت بعد سورة الحجر، وإن عدد آياتها خمس وستون ومائة آية كلها نزل بمكة ما عدا عدة آيات قالوا : إنها نزلت بالمدينة هى الآيات ٠ ٢ و٢٢ وا ٩ و٩٢ و١٤ ١ وا ١٤ وا ١٥ و١٥٢ و٥٣- وهى آيات نزلت فى بيان أحكام تتعلق بالحلال والحرام من التكليفات العملية، وهى لهذا كانت أنسب بالمدينة ؟ ذلك لأن ما يتعلق بالعقيدة قد اختص بمكة ؟ إذ كان فيه بيان الوحدانية فى الذات وفى الصفات والخلق والإنشاء والعبادة والألوهية، وأنه لا إله إلا هو، وبيان رسالة الله وأخبار الرسل السابقين، وما جاءوا به، وما نزل بأممهم، وما جاء من أحكام بمكة كان أكثره على ألسنة الأنبياء السابقين وما كانوا يدعون إليه أقوامهم، فدعوة شعيب - عليه السلام - إلى الإيفاء بالكيل والميزان، ونهيهم عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وغير ذلك. أما القرآن المدنى، فقد نزلت به الأحكام التكليفية العملية ؟ لأنه قد كونت دولة للإسلام، فكان لا بد من نظم تقيمها، وأحكام تنظم علاقات آحادها، وقد ابتدأت العبادات بالصلاة المفروضة فى مكة لمناسبتها للألوهية، ومعانى العبودية، ثم أكملت فى المدينة ليتكون رأى عام فاضل، ومجتمع متضافر متعاون.
ابتدأت السورة ببيان استحقاق الله تعالى وحده للحمد " لأنه خالق السموات والأرض وحده، وجاعل الظلمات والنور، وبيان أن أصل خلق الإنسان من طين، وبيان كمال سلطان الله تعالى فى خلقه، وعلمه بالسر وما يخفى، وبيان آيات الله تعالى فى كونه، وتلقى الجاحدين، وما كانوا يكذبون به الحق، إذ يجيئهم ويستهزئون به لإعراضهم عن الآيات البينات المثبتة الموضحة الكاشفة.


الصفحة التالية
Icon