ولقد بين سبحلأله وتعالى قصة الخليل إبراهيم أبى الأنبياء وأخبار ذريته، وفى هذه القصة بين سبحانه كيف يكون إدراك العقل لله سبحانه ووحدانيته، مستمدا ذلك من الفطرة السليمة - رأى الخليل بفطرته أن الأصنام لا يمكن أن تكون آلهة، وخاطب أباه بذلك، واعتبره ضلالا، ثم اتجه إلى تعرف الإله الأوحد، ظنه فى كوكب، ولكنه أفل فزال، والإله لا يزول، ثم ظنه القمر إذ راه بازغا، ولكنه أفل أيضا، واعتبر نفسه تسير فى ضلالة، وأنه إن لم يهده ربه الذى يؤمن بوجوده ليكونن من الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال : هذا ربى ؟ لأنها آكبر، فلما أفلت أدرك أن الله تعالى لا يكون أمرا محسوسا، فقرر البراءة من الشرك واتجه إلى الخالق الذى تدل آثاره على وجوده، ومخالفته لمخلوقاته، فقال :( إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) [ الأنعام ]، وأخذ بعد هذه الهداية يحاج قومه ويحاجونه ويذكر لهم أن أوثانهم لا تضر ولا تنفع، فليسوا موضع خوف منه، وهم الجديرون بأن يخافوا ؟ لأنهم يشركون بالله ما لم ينزل به حجة تدل على صحة الإيمان بهم، ثم قال :(... فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) [ الأنعام ]، . لا شك أن أحق الفريقين بالأمن الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك، وتلك حجة الله تعالى الذى أجرأها على لسان إبراهيم - عليه السلام - وأجراها من بعده على ألسنة الأنبياء من بعده، وعلى نوح من قبله. وقد ذكر سبحانه وتعالى الأنبياء من ذريته، وقد آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوة، وكان من أقوامهم من آمن، ومنهم من كفر، فإن يكفر المشركون من العرب الذين بعث إليهم محمد ( ﷺ ) فغيرهم مؤمن ؟ وهم يقاومون الشرك، وقد بين سبحانه وتعالى العبرة فى قصصهم، فقال :(أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين [ الأنعام ]، . وقد بين سبحانه وتعالى بعد قصة


الصفحة التالية
Icon