وإن من شركهم أن يذبحوا الذبائح باسم الأصنام فنهى الله تعالى المؤمنين عن أن يأكلوا مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، بل إنهم يأكلون ما ذكر اسم الله تعالى عليه، ولا يصح أن يوجد ما يمنعهم إلا من يكون فى حال اضطرار، والله أعلم بالمعتدين، وعلى المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه، وألا ياكلوا مما لم يذكر عليه اسم الله تعالى، ولا شك أن المشركين سيجادلون فى تحريم هذا وإحلال غيره، وعلى المؤمنين ألا يطيعوهم، وإلا كانوا مشركين مثلهم، وإنه لا يتساوى الميت مع الحى، وكذلك لا يتساوى الضال الذى هو كالميت مع المؤمن الذى يحيا حياة طيبة وله نور يمشى به فى الظلمات، ولكن زين لهم سوء أعمالهم. وإنه ليس بغريب أن يناوئ محمدا أكابر من قريش، فإن كل قرية يكون فيها اكابر مجرميها، يمكرون فيها ويسيطرون عليها، والعاقبة عليهم وما يشعرون، وهم يحسدون رسل الله تعالى فيطلبون أن يؤتوا مثل ما أوتى رسل الله، وذلك شرط لإيمانهم، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وسيصيبهم صغار بسبب إجرامهم وعذاب شديد بسبب كفرهم ومكرهم السىء لخفض كلمة الله تعالى. ومن يرد الله تعالى الخير له يشرح صدره للإيمان، ومن يرد غير ذلك منه يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء من شدة ضيق صدره وتوالى آنفاسه، وبذلك يكون عليه الرجس وعلى الذين لا يؤمنون، وهذا صراط الله تعالى مستقيما قد فصلنا الآيات وبيناها لقوم يذكرون.
ولقد بين سبحانه وتعالى اختصاص المؤمنين، فذكر أن لهم دار الأمن والاطمئنان والسلام عند ربهم الذى خلقهم وهو وليهم، وذلك جزاء عملهم، وإن الله تعالى يوم يجمعهم جميعا يناديهم يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس، وأولياؤهم من الإنس يقولون قد استمتع بعضنا ببعض، وبلغنا أجلنا الذى أجلت لنا، فذكر سبحانه أن النار هى المثوى الذى ينتهون إليه، وكذلك يمكن بعض


الصفحة التالية
Icon