فصل


قال ابن عاشور :
سورة الأنعام
ليس لهذه السورة إلا هذا الاسم من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى الطبراني بسنده إلى عبد الله بن عمر : قال رسول الله ﷺ :" نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد ".
وورد عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس ابن مالك، وجابر بن عبد الله، وأسماء بنت يزيد بن السكن، تسميتها في كلامهم سورة الأنعام.
وكذلك ثبتت تسميتها في المصاحف وكتب التفسير والسنة.
وسميت سورة الأنعام لما تكرر فيها من ذكر لفظ الأنعام ست مرات من قوله :﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً﴾ إلى قوله :﴿ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا﴾ [الأنعام : ١٣٦ـ١٤٤]
وهي مكية بالاتفاق فعن ابن عباس : أنها نزلت بمكة ليلا جملة واحدة، كما رواه عنه عطاء، وعكرمة، والعوفي، وهو الموافق لحديث ابن عمر عن رسول الله ﷺ المتقدم آنفا.
وروي أن قوله تعالى :﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ [الأنعام : ٥٢} الآية نزل في مدة حياة أبي طالب، أي قبل سنة عشر من البعثة، فإذا صح كان ضابطا لسنة نزول هذه السورة.
وروى الكلبى عن ابن عباس :" أن ست آيات منها نزلت بالمدينة "، ثلاثا من قوله :﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام : ٩١] إلى منتهى ثلاث آيات، وثلاثا من قوله :﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ إلى قوله ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام : ١٥٢، ١٥١].
وعن أبي جحيفة أن آية ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ﴾ [الأنعام : ١١١] مدنية.
وقيل نزلت آية ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الأنعام : ٩٣] الآية بالمدينة، بناء على ما ذكر من سبب نزولها الآتي.
وقيل : نزلت آية ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ [الأنعام : ٢٠] الآية، وآية ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [العنكبوت : ٤٧] الآية، كلتاهما بالمدينة بناء على ما ذكر من أسباب نزولهما كما سيأتي.


الصفحة التالية
Icon