وقال الشيخ سيد قطب :
مقدمة سورة الأنعام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ - طبيعة القرآن المكي وحله لمشكلات الإنسان
هذه السورة مكية.. من القرآن المكي.. القرآن الذي ظل يتنزل على رسول الله ( ﷺ ) ثلاثة عشر عاما كاملة، يحدثه فيها عن قضية واحدة. قضية واحدة
ولم يتجاوز القرآن المكي هذه القضية الأساسية إلى شيء مما يقوم عليها من التفريعات المتعلقة بنظام الحياة، إلا بعد أن علم الله أنها قد استوفت ما تستحقه من البيان، وأنها استقرت استقرارا مكينا ثابتا في قلوب العصبة المختارة من بني الإنسان، التي قدر الله لها أن يقوم هذا الدين عليها ; وأن تتولى هي إنشاء النظام الواقعي الذي يتمثل فيه هذا الدين.
٢ - حكمة البدء بالعقيدة وليس بالقومية أو الإجتماعية أو الأخلاقية
وأصحاب الدعوة إلى دين الله، وإقامة النظام الذي يتمثل فيه هذا الدين في واقع الحياة ; خليقون أن يقفوا طويلا أمام هذه الظاهرة الكبيرة.. ظاهرة تصدي القرآن المكي خلال ثلاثة عشر عاما.. لتقرير هذه العقيدة ; ثم وقوفه عندها لا يتجاوزها إلى شيء من تفصيلات النظام الذي يقوم عليها، والتشريعات التي تحكم المجتمع المسلم الذي يعتنقها..
لقد شاءت حكمة الله أن تكون قضية العقيدة هي القضية التي تتصدى الدعوة لها منذ اليوم الأول للرسالة. وأن يبدأ رسول الله ( ﷺ ) أولى خطواته في الدعوة، بدعوة الناس أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ; وأن يمضي في دعوته يعرف الناس بربهم الحق، ويعبدهم له دون سواه.


الصفحة التالية
Icon