إنها - في جملتها - تعرض "حقيقة الألوهية ".. تعرضها في مجال الكون والحياة، كما تعرضها في مجال النفس والضمير، وتعرضها في مجاهيل هذا الكون المشهود، كما تعرضها في مجاهيل ذلك الغيب المكنون.. وتعرضها في مشاهد النشأة الكونية والنشأة الحيوية والنشأة الإنسانية، كما تعرضها في مصارع الغابرين واستخلاف المستخلفين.. وتعرضها في مشاهد الفطرة وهي تواجه الكون، وتواجه الأحداث، وتواجه النعماء والضراء، كما تعرضها في مظاهر القدرة الإلهية والهيمنة في حياة البشر الظاهرة والمستكنة، وفي أحوالهم الواقعة والمتوقعة.. وأخيرا تعرضها في مشاهد القيامة، ومواقف الخلائق وهي موقوفة على ربها الخالق..
إن موضوعها الذي تعالجه من مبدئها إلى منتهاها هو موضوع العقيدة، بكل مقوماتها وبكل مكوناتها. وهي تأخذ بمجامع النفس البشرية، وتطوف بها في الوجود كله، وراء ينابيع العقيدة وموحياتها المستسرة والظاهرة في هذا الوجود الكبير.. إنها تطوف بالنفس البشرية في ملكوت السماوات والأرض، تلحظ فيها الظلمات والنور، وترقب الشمس والقمر والنجوم. وتسرح في الجنات المعروشات وغير المعروشات، والمياه الهاطلة عليها والجارية فيها ; وتقف بها على مصارع الأمم الخالية، وآثارها البائدة والباقية. ثم تسبح بها في ظلمات البر والبحر، وأسرار الغيب والنفس، والحي يخرج من الميت والميت يخرج من الحي، والحبة المستكنة في ظلمات الأرض، والنطفة المستكنة في ظلمات الرحم. ثم تموج بالجن والإنس، والطير والوحش، والأولين والآخرين، والموتى والأحياء، والحفظة على النفس بالليل والنهار..


الصفحة التالية
Icon