ويكاد اتجاه السورة كله يمضي إلى هذا الهدف المحدد.. من أولها إلى آخرها.. فالله هو الخالق. والله هو الرازق. والله هو المالك. والله هو صاحب القدرة والقهر والسلطان. والله هو العليم بالغيوب والأسرار. والله هو الذي يقلب القلوب والأبصار كما يقلب الليل والنهار.. وكذلك يجب أن يكون الله هو الحاكم في حياة العباد ; وألا يكون لغيره نهى ولا أمر، ولا شرع ولا حكم، ولا تحليل ولا تحريم. فهذا كله من خصائص الألوهية، ولا يجوز أن يزاوله في حياة الناس أحد من دون الله، لا يخلق، ولا يرزق، ولا يحيي ولا يميت، ولا يضر ولا ينفع، ولا يمنح ولا يمنع، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا في الدنيا ولا في الآخرة..
وسياق السورة يسوق على هذه القضية أدلته في تلك المشاهد والمواقف والإيقاعات البالغة حد الروعة الباهرة ; والتي تواجه القلب بالحشود الحاشدة من المؤثرات الموحية، من كل درب ومن كل باب !
والقضية الكبيرة التي تعالجها السورة هي قضية الألوهية والعبودية في السماوات والأرض. في محيطها الواسع، وفي مجالها الشامل.. ولكن المناسبة الحاضرة في حياة الجماعة المسلمة حينذاك، المناسبة التطبيقية لهذه القاعدة الكبيرة الشاملة، هي ما تزاوله الجاهلية من حق التحليل والتحريم في الذبائح والمطاعم، ومن حق تقرير بعض الشعائر في النذور من الذبائح والثمار والأولاد.. وهي المناسبة التي تتحدث عنها هذه الآيات في أواخر السورة: