ولقد سبق القول بأن هذه السورة تعالج موضوعها الأساسي بصورة فريدة، إذ أنها في كل لمحة منها وفي كل موقف وفي كل مشهد، تبلغ حد "الروعة الباهرة " التي تبده النفس وتشده الحس، وتبهر النفس وهو يلاحق مشاهدها وإيقاعاتها وموحياتها..
فالآن ندع نصوصا من السورة ذاتها تصور هذه الحقيقة بأسلوبها القرآني. ذلك أن الوصف مهما بلغ، لا يبلغ شيئا في نقل هذه الحقيقة إلى القلب البشري !
إن تقرير حقيقة الألوهية، وتعريف الناس بربهم الحق، وتعبيدهم له وحده، هو الموضوع الأساسي للسورة. فلنسمع إذن تقرير السياق القرآني لهده الحقيقة في مواقف منه شتى:
في موقف الإشهاد والمفاصلة، حيث تتجلى تلك الحقيقة في القلب المؤمن بها ; وحيث يواجه بها المخالفين، ويصدع بها في قوة وفي يقين:
(قل: أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض، وهو يطعم ولا يطعم ! قل: إني أمرت أن أكون أول من أسلم، ولا تكونن من المشركين. قل: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه، وذلك الفوز المبين، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير. وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير. قل: أي شيء أكبر شهادة ؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم، وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ. أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل: لا أشهد. قل: إنما هو إله واحد، وإنني بريء مما تشركون)..
وفي موقف التهديد، حيث يتجلى سلطان الله محيطا بالعباد ; وتتعرى أمامه الفطرة ويسقط عنها الركام، وتتجه إلى ربها الحق وحده وتنسى الآلهة الزائفة، أمام الهول، وأمام مصارع المكذبين: