(قل: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم: دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. قل: أغير الله أبغي ربا، وهو رب كل شيء، ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ثم إلى ربكم مرجعكم، فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. وهو الذي جعلكم خلائف الأرض، ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم، إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم)..
وليست هذه النماذج الستة التي اخترناها إلا نماذج تصور حد "الروعة الباهرة " الذي يبلغه سياق السورة، في كل موقف، وفي كل مشهد، وفي كل إيقاع، وفي كل إيحاء..
كذلك سبق القول: إن سياق السورة يبلغ حد الروعة الباهرة في كل مشهد وفي كل موقف ; مع تناسق في منهج العرض للمشاهد والمواقف ; ووعدنا أن نبين ما نعنيه بهذا التناسق.
ولن نعرض هنا إلا بعض النماذج في انتظار العرض التفصيلي للنصوص بعد التعريف المجمل. ونكتفي من هذا التناسق بثلاثة ألوان منه بارزة في سياق السورة:
إن السياق يعرض المشاهد والمواقف منوعة ; ولكنها تلتقي في ظاهرة واحدة.. إنه في كل مشهد أو موقف، كأنما يأخذ بالسامع ليقفه أمام المشهد يتملاه، وأمام المواقف يتدبره.. يقفه أمامه بحركة تكاد الألفاظ تجسمها ! كما أن المشاهد والمواقف ذاتها فيها ناس موقوفون، يراهم السامع في وقفتهم، والسياق يقفه هو الآخر ليشاهدهم ويتملاهم !
ففي مشاهد القيامة ومشاهد الاحتضار ترد هذه الوقفات:
(ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)..
(ولو ترى إذ وقفوا على ربهم. قال: أليس هذا بالحق ؟ قالوا: بلى وربنا ! قال: فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)..