وقال الآلوسى :
﴿ ثُمَّ قَضَى ﴾ أي قدر وكتب ﴿ أَجَلاً ﴾ أي حداً معيناً من الزمان للموت.
و﴿ ثُمَّ ﴾ للترتيب في الذكر دون الزمان لتقدم القضاء على الخلق، وقيل : الظاهر الترتيب في الزمان، ويراد بالتقدير والكتابة ما تعلم به الملائكة وتكتبه كما وقع في حديث "الصحيحين" " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد " مُّسَمًّى } أي حد معين للبعث من القبور، وهو مبتدأ وصح الابتداء به لتخصيصه بالوصف أو لوقوعه في موقع التفصيل و﴿ عِندَهُ ﴾ هو الخبر، وتنوينه لتفخيم شأنه وتهويل أمره.
وقدم على خبره الظرف مع أن الشائع في النكرة المخبر عنها به لزوم تقديمه عليها وفاء بحق التفخيم، فإن ما قصد به ذلك حقيق بالتقديم فالمعنى وأجل أي أجل مستقل بعلمه سبحانه وتعالى لا يقف على وقت حلوله سواه جل شأنه لا إجمالاً ولا تفصيلاً.
وهذا بخلاف أجل الموت فإنه معلوم إجمالاً بناءاً على ظهور أماراته أو على ما هو المعتاد في أعمال الإنسان.
وقيل : وجه الإخبار عن هذا أو التقييد بكونه عنده سبحانه وتعالى أنه من نفس المغيبات الخمس التي لا يعلمها إلا الله تعالى، والأول : أيضاً وإن كان لا يعلمه إلا هو قبل وقوعه كما قال تعالى :﴿ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ [ لقمان : ٣٤ ] لكنا نعلمه للذين شاهدنا موتهم وضبطنا تواريخ ولادتهم ووفاتهم فنعلمه سواء أريد به آخر المدة أو جملتها متى كان وكم مدة كان.
وذهب بعضهم إلى أن الأجل الأول ما بين الخلق والموت، والثاني : ما بين الموت والبعث.