كما سيأتي، وقيل : المعنى خلق أباكم منه على حذف المضاف. وقيل : المعنى خلقهم من النطفة الحاصلةِ من الأغذية المتكوِّنة من الأرض، وأياً ما كان ففيه من وضوح الدلالة على كمال قدرتِه تعالى على البعث ما لا يخفى، فإن من قدَرَ على إحياء ما لم يشَمَّ رائحةَ الحياة قط كان على إحياءِ ما قارنها مدةً أظهرَ قدرة.
﴿ ثُمَّ قَضَى ﴾ أي كتب لموتِ كلِّ واحد منكم ﴿ أَجَلاً ﴾ خاصاً به أي حداً معيناً من الزمان يفنى عند حلولِه لا محالة، وكلمةُ ( ثم ) للإيذان بتفاوتِ ما بين خلقِهم وبين تقديرِ آجالِهم حسبما تقتضيه الحِكَم البالغة ﴿ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ أي حدٌّ معينٌ لبعثكم جميعاً وهو مبتدأ لتخصُّصه بالصفة كما في قوله تعالى :﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ ﴾ ولوقوعِه في موقع التفصيل كما في قول من قال :
إذا ما بكَى مِنْ خلفِها انصرَفَتْ له... بشِقَ وشقٌ عنْدنا لم يُحَوَّلِ