وأمَّا الأجَلُ فهو في اللُّغَةِ عبارةٌ عن الوَقْتِ المضروب لإنقضاء المُدَّةِ، وأجَلُ الإنسان هو المؤقت المضروب ؛ لانقضاء عُمْرِهِ.
وأجَلُ الدَّيْنِ : مَحلُّهُ لانْقِضَاءِ التأخير فيه، وأصْلُهُ من التَّأخيرِ يُقال : أجلَ الشَّيء يَأجَلُ أجُولاً وهو آجلٌ إذا تأخَّرَ، والآجلُ نقيض العَاجِلِ، وإذا عُرِفَ هذا فقوله، " ثُمَّ قَضَى أجَلاً " معناه : أنَّهُ - تعالى - خَصَّصَ موت كُلَّ واحَد بوقتٍ مُعَيَّنٍ، " وأجلٌ مُسَمَّى عِنْدهُ " قال الحَسَنُ : وقتادة، والضحَّاكُ : الأجَلُ الأوّل من الولادَةِ إلى الموت.
والأجَلُ الثاني : مِنَ الموتِ إلى البَعْثِ، وهو البَرْزَخُ وروي عن ابن عبَّاس، وقال : لِكُلِّ أحَدٍ أجلان أجل من الولادة إلى الموت أدنى البعث في أجل العُمر، فإن كان بالعكس قاطِعاً للرحَّمِ نُقِصَ من أجَل العُمر وزيد في أجَلِ البَعْثِ مخافة. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ١٤ ـ ١٨﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) ﴾
أثبت الأصل من الطين وأودعها عجائب ( السير ) وأظهر عليها ما لم يظهر على مخلوق، فالعِبْرَةُ بالوَصْلِ لا بالأصل ؛ فالوَصْلُ قُرْبَةٌ وَالأصل تُرْبةٌ، الأصل من حيث النَّطفة والقطرة، والوصل من حيث القربة والنَّصرة.
قوله ﴿ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ﴾ : جعل للامتحان أجلاً، ثم جعل للامتنان أجلاً، فَأَجَلُ الامتحان في الدنيا، وأَجَلُ الامتنان في العُقْبى.
ويقال ضَرَبَ للطلب أجلاً وهو وقت المهلة، ثم عقبه بأجل بعده وهو وقت الوصلة ؛ فالمهلة لها مدًى ومنتهى، والوصلة بلا مدًى ولا منتهى ؛ فوقتُ الوجودِ له ابتداء وهو حين تطلع شموس التوحيد ثم يتسرمد فلا غروب لها بعد الطلوع. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٦٠﴾


الصفحة التالية
Icon