يعني أجعلت طهية والخشاب نظراء وأمثالاً لبني ثعلبة، وبني رياح، وهذا الوجه الأخير يدل له القرآن، كقوله تعالى عن الكفار الذين عدلوا به غيره :﴿ تالله إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العالمين ﴾ [ الشعراء : ٩٧-٩٨ ]، وقوله تعالى :﴿ وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله ﴾ [ البقرة : ١٦٥ ]، وأشار تعالى في آيات كثيرة إلى أن الكفار ساووا بين المخلوق والخالق - قبحهم الله تعالى - كقوله :﴿ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخلق عَلَيْهِمْ قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الواحد القهار ﴾ [ الرعد : ١٦ ]، وقوله :﴿ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل : ١٧ ]، وقوله :﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ ﴾ [ الروم : ٢٨ ]، الآية إلى غير ذلك من الآيات، وعدل الشيء في اللغة مثله، ونظيره، قال بعض علماء العربية : إذا كان من جنسه، فهو عدل - بكسر العين - وإذا كان من غير جنسه، فهو عدل - بفتح العين - ومن الأول قول مهلهل :
على أن ليس عدلاً من كليب... إذا برزت مخبأة الخدور
على أن ليس عدلاً من كليب... إذا اضطرب العضاه من الدبور
على أن ليس عدلاً من كليب... غداة بلابل الأمر الكبير
يعني أن القتلى الذين قتلهم من بكر بن وائل بأخيه كليب الذي قتله جساس بن مرة البكري لا يكافؤونه، ولا يعادلنه في الشرف.


الصفحة التالية
Icon