وقال أبو السعود :
﴿ وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ﴾
شروع في قدحهم في نبوته عليه السلام صريحاً بعد ما أُشير إلى قدحهم فيها ضِمناً. وقيل : هو معطوفٌ على جواب ( لو )، وليس بذاك، لما أن تلك المقالةَ الشنعاءَ ليست مما يُقدَّر صدورُه عنهم على تقدير تنزيلِ الكتابِ المذكور، بل هي من أباطيلهم المُحقّقة، وخُرافاتهم المُلفّقة، التي يتعللون بها كلما ضاقتْ عليهم الحيلُ وعيَّت بهم العلل، أي هلا أُنزل عليه عليه السلام مَلكٌ بحيث نراه ويكلمنا أنه نبيٌّ حسبما نُقل عنهم فيما رُويَ عن الكلبي ومقاتل، ونظيرُه قولهم :﴿ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً ﴾ ولما كان مدارُ هذا الاقتراح على شيئين : إنزالِ الملَك كما هو وجعلِه معه عليه السلام نذيراً، أجيب عنه بأن ذلك مما لا يكاد يدخُل تحت الوجود أصلاً، لاشتماله على أمرين متباينين لا يجتمعان في الوجود : لِما أن إنزالَ الملَك على صورته يقتضي انتفاءَ جعلِه نذيراً، وجعلُه نذيراً يستدعي عدمَ إنزاله على صورته لا مَحالة.


الصفحة التالية
Icon