وفي " العناية " أن الوجه الثالث لا يناسب قوله :﴿ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ ﴾، لأنه يدل على إهلاكهم، لا على هلاكهم، برؤية الملك، إلا بتكلف.
هذا وقال الناصر في " الانتصاف " : على الوجه الأول لا يحسن أن يجعل سبب مناجزتهم بالهلاك وضوح الآية في نزول الملك. فإنه ربما يُفهم هذا الكلام أن الآيات التي لزمهم الإيمان بها دون نزول الملك في الوضوح، وليس الأمر كذلك. فالوجه -والله أعلم -أن يكون سبب تعجيل عقوبتهم بتقدير نزول الملك وعدم إيمانهم، أنهم اقترحوا ما لا يتوقف وجوب الإيمان عليه، إذ الذي يتوقف الوجوب عليه المعجز من حيث كونه معجزاً، لا المعجز الخاص، فإذا أجيبوا على وفق مقترحهم، فلم ينجع فيهم، كانوا حينئذ على غاية من الرسوخ في العناد المناسب لعدم النظرة - والله أعلم -.
قال المهايمي : لا دليل على النبوة سوى شهادة الملك، وتنزيل الملك بصورته الملكوتية يقطع أمر التكليف، إذ لا ينفع الإيمان بعد انكشاف عالم الملكوت، فلا يمهلون، لأن الإمهال للنظر. والمعجزة - وإن أفادت علماً ضروريّاً -لا تخلو عن خفاء يحتاج إلى أدنى نظر، ولا خفاء مع انكشاف عالم الملكوت، فلا وجه للإمهال للنظر، فلا يقبل الإيمان معه، فلا بد من المؤاخذة عقيبه. انتهى - فليتأمل -. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٦ صـ ٣٢٢ ـ ٣٢٣﴾