وقد تقدّم عند قوله تعالى :﴿ ولا تلبسوا الحقّ بالباطل ﴾ في سورة البقرة ( ٤٢ ).
وقد عدّي هنا بحرف ( على ) لأنّ المراد لبس فيه غَلبة لعقولهم.
والمعنى : وللبسنا على عقولهم، فشكّوا في كونه ملكاً فكذّبوه، إذ كان دأب عقولهم تطلّبَ خوارق العادات استدلالاً بها على الصدق، وتركَ إعمال النظر الذي يعرف به صدق الصادق.
وما } في قوله :﴿ ما يلبسون ﴾ مصدرية مجرّدة عن الظرفية، والمعنى على التشبيه، أي وللبسنا عليهم لبَسهم الذي وقع لهم حين قالوا :﴿ لولا أنزل عليه ملك ﴾، أي مثل لبَسهم السابق الذي عرض لهم في صدق محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي الكلام احتباك لأنّ كلا اللبسين هو بتقدير الله تعالى، لأنّه حرمهم التوفيق.
فالتقدير : وللبسنا عليهم في شأن الملك فيلبسون على أنفسهم في شأنه كما لبسنا عليهم في شأن محمد ﷺ إذ يلبسون على أنفسهم في شأنه.
وهذا الكلام كلّه منظور فيه إلى حمل اقتراحهم على ظاهر حاله من إرادتهم الاستدلال، فلذلك أجيبوا عن كلامهم إرخاء للعنان، وإلاّ فإنّهم ما أرادوا بكلامهم إلاّ التعجيز والاستهزاء، ولذلك عقّبه بقوله :﴿ ولقد استهزىء برسل من قبلك ﴾ الآية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon