وقرأ باقي السبعة بالضم اتباعاً ومراعاة لضم التاء إذ الحاجز بينهما ساكن، وهو حاجز غير حصين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ ﴾
تسلية لرسول الله ﷺ عما يلقاه من قومه كالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل وأضرابهم أي أنك لست أول رسول استهزأ به قومه فكم وكم من رسول جليل الشأن فعل معه ذلك فالتنوين للتفخيم والتكثير و( من ) ابتداء متعلقة بمحذوف وقع صفة لرسل والكلام على حذف مضاف، وفي تصدير الجملة بالقسم وحرف التحقيق من الاعتناء ما لا يخفى.
وكون التسلية بهذا المقدار مما خفي على بعض الفضلاء وهو ظاهر، ولك أن تقول : إن التسلية به وبما بعده من قوله تعالى :﴿ فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ لأنه متضمن أن من استهزأ بالرسل عوقب فكأنه سبحانه وتعالى وعده ﷺ بعقوبة من استهزأ به عليه والسلام إن أصر على ذلك.
وحاق بمعنى أحاط كما روي عن الضحاك واختاره الزجاج، وفسره الفراء بعاد عليه وبال أمره، وقيل : حل واختاره الطبرسي، وقيل : نزل وهو قريب من سابقه ومعناه يدور على الإحاطة والشمول ولا يكاد يستعمل إلا في الشر كما قال
: فاوطا جرد الخيل عقر ديارهم...
وحاق بهم من بأس ضربة حائق
وقال الراغب : أصله حق فأبدل من أحد حرفي التضعيف حرف علة كتظننت، وتظنيت أو هو مثل ذمة وذامة، والمعروف في اللغة ما اختاره الزجاج.
وقال الأزهري : جعل أبو إسحاق حاق بمعنى أحاط، وكأنه جعل مادته من الحوق "بالضم وهو ما أحاط بالكمرة من حروفها" وقد يفتح كما في "القاموس" وجعل أحد معاني الحوق بالفتح الإحاطة ؛ وفيه أيضاً "حاق به يحيق حيقاً وحيوقا وحيقانا بفتح الياء أحاط به كأحاق وفيه السيف حاك وبهم الأمر لزمهم ووجب عليهم ونزل، وأحاق الله تعالى بهم مكرهم.
والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله".


الصفحة التالية
Icon