وقد أعرب من فسر ﴿ الأنهار ﴾ هنا بالخيل كما قيل في قوله :﴿ وهذه الأنهار تجري من تحتي ﴾ وإذا كان الفرس سريع العدو واسع الخطو وصف بالبحر وبالنهر، والمعنى أنه تعالى مكنهم التمكين البالغ ووسع عليهم الرزق فذكر سببه وهو تتابع الأمطار على قدر حاجاتهم وإمساك الأرض ذلك الماء، حتى صارت الأنهار تجري من تحتهم فكثر الخصب فأذنبوا فأهلكوا بذنوبهم، والظاهر أن الذنوب هنا هي كفرهم وتكذيبهم برسل الله وآياته، والإهلاك هنا لا يراد به مجرد الإفناء والإماتة بل المراد الإهلاك الناشىء عن الذنوب والأخذ به كقوله تعالى :﴿ فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا ﴾ لأن الإهلاك بمعنى الإماتة مشترك فيه الصالح والطالح، وفائدة ذكر إنشاء قرن ﴿ آخرين ﴾ بعدهم، إظهار القدرة التامّة على إفناء ناس وإنشاء ناس فهو تعالى لا يتعاظمه أن يهلك ﴿ قرناً ﴾ ويخرب بلاده وينشىء مكانه آخر يعمر بلاده وفيه تعريض للمخاطبين، بإهلاكهم إذا عصوا كما أهلك من قبلهم ووصف قرناً بِ ﴿ آخرين ﴾ وهو جمع حملاً على معنى قرن، وكان الحمل على المعنى أفصح لأنها فاصلة رأس آية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon