قال الزمخشري : يعني وما يظهر لهم قط دليل من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار إلا كانوا عنه ﴿ معرضين ﴾ تاركين للنظر، لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأساً لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب ؛ انتهى.
واستعمال الزمخشري قط مع المضارع في قوله : وما يظهر لهم قط دليل ليس بجيد، لأن قط ظرف مختص بالماضي إلا إن كان أراد بقوله : وما يظهر وما ظهر ولا حاجة إلى استعمال ذلك.
وقيل : الآية هنا العلامة على وحدانية الله وانفراده بالألوهية.
وقيل : الرسالة.
وقيل : المعجز الخارق.
وقيل : القرآن ومعنى ﴿ عنها ﴾ أي : عن قبولها أو سماعها، والإعراض ضد الإقبال وهو مجاز إذ حقيقته في الأجسام، والجملة من قوله :﴿ كانوا ﴾ ومتعلقها في موضع الحال فيكون ﴿ تأتيهم ﴾ ماضي المعنى لقوله :﴿ كانوا ﴾ أو يكون ﴿ كانوا ﴾ مضارع المعنى لقوله :﴿ تأتيهم ﴾ وذو الحال هو الضمير في ﴿ تأتيهم ﴾، ولا يأتي ماضياً إلا بأحد شرطين أحدهما : أن يسبقه فعل كما في هذه الآية، والثاني أن تدخل على ذلك الماضي قد نحو ما زيد إلا قد ضرب عمراً، وهذا التفات وخروج من الخطاب إلى الغيبة والضمير عائد على ﴿ الذين كفروا ﴾.
وتضمنت هذه الآية مذمة هؤلاء ﴿ الذين كفروا ﴾ بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم، ولما تقدّم الكلام أولاً في التوحيد وثانياً في المعاد وثالثاً في تقرير هذين المطلوبين، ذكر بعد ذلك ما يتعلق بتقرير النبوة وبين فيه أنهم أعرضوا عن تأمل الدلائل، ويدل ذلك على أن التقليد باطل وأن التأمل في الدلائل واجب ولذلك ذموا بإعراضهم عن الدلائل. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾