والحكيم والمحكم أي أفعاله متقنة آمنة من وجوه الخلل والفساد لا بمعنى العالم، لأن ﴿ الخبير ﴾ إشارة إلى العلم فيلزم التكرار ؛ انتهى، وفيه بعض اختصار وتلخيص.
وقيل :﴿ الحكيم ﴾ العالم والخبير } أيضاً العالم ذكره تأكيداً و﴿ فوق ﴾ منصوب على الظرف إما معمولاً للقاهر أي المستعلي فوق عباده، وإما في موضع رفع على أنه خبر ثان لهو أخبر عنه بشيئين أحدهما : أنه القاهر الثاني أنه فوق عباده بالرتبة والمنزلة والشرف لا بالجهة، إذ هو الموجد لهم وللجهة غير المفتقر لشيء من مخلوقاته فالفوقية مستعارة للمعنى من فوقية المكان، وحكى المهدوي أنه في موضع نصب على الحال كأنه قال : وهو القاهر غالباً فوق عباده وقاله أبو البقاء، وقدره مستعلياً أو غالباً وأجاز أن يكون فوق عباده في موضع رفع بدلاً من القاهر.
قال ابن عطية : ما معناه ورود العباد في التفخيم والكرامة والعبيد في التحقير والاستضعاف والذم، وذكر موارد من ذلك على زعمه وقد تقدم له هذا المعنى مبسوطاً مطولاً ورددنا عليه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ القهر الغلبة، والقاهر الغالب، وأُقهِر الرجل إذا صير بحال المقهور الذليل ؛ قال الشاعر :
تَمَنَّى حُصَينٌ أن يَسُودَ جِذاعُه...
فأمسى حُصَينٌ قَد أَذلَّ وأَقْهَرا
وقُهر غُلب.
ومعنى ﴿ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم ؛ أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان ؛ كما تقول : السلطان فوق رعيته أي بالمنزلة والرفعة.
وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ المراد.
﴿ وَهُوَ الحكيم ﴾ في أمره ﴿ الخبير ﴾ بأعمال عباده، أي من اتصف بهذه الصفات يجب ألاَّ يُشرَكَ به. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon