وقيل : إن ما سكن يعم جميع المخلوقات إذ ليس شيء منها غير متصف بالسكون حتى المتحرك حال ما يرى متحركاً بناءً على ما حقق في موضعه من أن تفاوت الحركات بالسرعة والبطء لقلة السكنات المتخللة وكثرتها، وفي معنى الحركة والسكون وبيان أقسام الحركة المشهورة كلام طويل يطلب من محله.
﴿ وَهُوَ السميع ﴾ أي المبالغ في سماع كل مسموع فيسمع هواجس كل ما يسكن في الملوين ﴿ العليم ﴾ أي المبالغ في العلم بكل معلوم من الأجناس المختلفة ؛ والجملة مسوقة لبيان إحاطة سمعه وعلمه سبحانه وتعالى بعد بيان إحاطة قدرته جل شأنه أو للوعيد على أقوالهم وأفعالهم ولذا خص السمع والعلم بالذكر، وهي تحتمل أن تكون من مقول القول وأن تكون من مقول الله تعالى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
قوله :" ولَهُ مَا سَكَن " جملة معطوفة على ﴿ لله ﴾ من قوله :﴿ قل لله ﴾ [ الأنعام : ١٢ ] الذي هو في تقدير الجملة، أي ما في السماوات والأرض لله، وله ما سكن.
والسكون استقرار الجسم في مكان، أي حيّز لا ينتقل عنه مدّة، فهو ضدّ الحركة، وهو من أسباب الاختفاء، لأنّ المختفي يسكن ولا ينتشر.
والأحسن عندي أن يكون هنا كناية عن الخفاء مع إرادة المعنى الصريح.
ووجه كونه كناية أنّ الكلام مسوق للتذكير بعلم الله تعالى وأنّه لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ومحاسبكم عليها يوم يجمعكم إلى يوم القيامة، فهو كقوله تعالى :﴿ الله يعلم ما تحمل كلّ أنثى إلى أن قال ومن هو مستخف بالليل ﴾ [ الرعد : ٨ ١٠ ].
فالذي سكن بالليل والنهار بعض ما في السماوات والأرض، فلمّا أعلمهم بأنّه يملك ما في السموات والأرض عطف عليه الإعلام بأنه يملك ما سكن من ذلك لأنّه بحيث يُغفل عن شمول ما في السماوات والأرض إيّاه، لأنّ المتعارف بين الناس إذا أخبروا عن أشياء بحكم أن يريدوا الأشياء المعروفة المتداولة.