ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) ﴾
وقد رتب سبحانه وتعالى الكون والخلْق بأسباب ومسببات. وكل شيء موجود هو واسطة بين شيء وشيء، فالأرض واسطة لاستقبال النبات، والإنسان واسطة بين أبيه وابنه، ولنفهم جميعاً أَنَّ الحقَ، فوق عباده، إنه غالب بقدرته، يدير الكون بحكمة وإحاطة علم، وهو خبير بكل ما خفي وعليهم بكل ما ظهر.
وهو القائل :﴿ قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [ الأنعام : ٦٥ ].
سبحانه وتعالى له مطلق القدرة على أن يرسل العذاب من السماء أو من بطن الأرض، أو أن يجعل بين العباد العداء ليكونوا متناحرين ليدفع بعضهم بعضا حتى لا تفسد الأرض ﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض ﴾.
فإياك أن تظن أيها الإنسان أن الحق حين يملِّك بعض الخلق أسباباً أنهم مالكو الأسباب فعلاً، لا ؛ إن الحق سبحانه أراد بذلك ترتيب الأعمال في الكون. ولذلك ساعة نرى واحداً يظلم في الكون فإننا نجد ظالماً آخر هو الذي يؤدب الظالم الأول. ولا يؤدب الحق الشرير على يد رجل طيب، إنما يؤدبه عن طريق شرير مثله :﴿ وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٢٩ ].