وروي أن النبي ﷺ لما قدم المدينة وأسلم عبد الله بن سلام قال له عمر بن الخطاب : إن الله عز وجل أنزل على نبيه محمداً ﷺ بمكة ﴿ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ﴾ فكيف هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام : يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ولأنا أشد معرفة بمحمد ﷺ مني بابني فقال عمر وكيف ذاك؟ قال أشهد أنه رسول الله ﷺ حقاً ولا أدري ما يصنع النساء.
وقوله تعالى :﴿ الذين خسروا أنفسهم ﴾ يعني : أهلكوا أنفسهم وغبنوها وأوبقوها في نار جهنم بإنكارهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي الذين خسروا أنفسهم قولان : أحدهما : أنه صفة الذين الأولى ويكون المقصود من ذلك وعيد المعاندين الذين يعرفون محمداً ﷺ ويجحدون نبوته وهم كفار أهل الكتابين ﴿ فهم لا يؤمنون ﴾ يعني به.
والقول الثاني : إنه كلام مبتدأ ولا تعلق له بالأول وهم كفار مكة الذين لم يؤمنوا بمحمد ﷺ وذكروا في معنى الخسار وجهين : أحدهما : أنه الهلاك الدائم الذي حصل لهم بسبب كفرهم وإنكارهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
والوجه الثاني : أنه جعل لكل واحد من بني آدم منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار فإذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل الكفار التي في الجنة وجعل للكفار منازل المؤمنين التي في النار فذلك هو الخسران. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾