فوجه الشبه هو التحقّق والجزم بأنّه هو الكتاب الموعود به، وإنّما جعلت المعرفة المشبّه بها هي معرفة أبنائهم لأن المرء لا يضلّ عن معرفة شخص ابنه وذاته إذا لقيه وأنّه هو ابنه المعروف، وذلك لكثرة ملازمة الأبناء آباءهم عرفاً.
وقيل : إنّ ضمير ﴿ يعرفونه ﴾ عائد إلى التوحيد المأخوذ من قوله :﴿ إنّما هو إله واحد ﴾ [ الأنعام : ١٩ ] وهذا بعيد.
وقيل : الضمير عائد إلى النبي ﷺ مع أنّه لم يجر له ذكر فيما تقدّم صريحاً ولا تأويلاً.
ويقتضي أن يكون المخاطب غير الرسول ﷺ وهو غير مناسب على أنّ في عوده إلى القرآن غنية عن ذلك مع زيادة إثباته بالحجَّة وهي القرآن.
وقوله :﴿ الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ﴾ استئناف لزيادة إيضاح تصلّب المشركين وإصرارهم، فهم المراد بالذين خسروا أنفسهم كما أريدوا بنظيره السابق الواقع بعد قوله ﴿ ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ﴾ [ النساء : ٨٧ ].
فهذا من التكرير للتسجيل وإقامة الحجَّة وقطع المعذرة، وأنّهم مصرّون على الكفر حتى ولو شهد بصدق الرسول أهل الكتاب، كقوله ﴿ قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ﴾ [ الأحقاف : ١٠ ].
وقيل : أريد بهم أهل الكتاب، أي الذين كتموا الشهادة، فيكون ﴿ الذين خسروا ﴾ بدلاً من ﴿ الذين آتيناهم الكتاب ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon