وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وهو يُطعم ﴾ جملة في موضع الحال، أي يُعطي الناس ما يأكلونه ممّا أخرج لهم من الأرض : من حبوب وثمار وكلأ وصيد.
وهذا استدلال على المشركين بما هو مسلّم عندهم، لأنّهم يعترفون بأنّ الرازق هو الله وهو خالق المخلوقات وإنّما جعلوا الآلهة الأخرى شركاء في استحقاق العبادة.
وقد كثر الاحتجاج على المشركين في القرآن بمثل هذا كقوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ﴾ [ الواقعة : ٦٣، ] ٦٤.
وأمّا قوله :﴿ ولا يُطْعَمْ ﴾ بضم الياء وفتح العين فتكميل دالّ على الغنى المطلق كقوله تعالى :﴿ وما أريد أن يطعِمونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٧ ].
ولا أثر له في الاستدلال إذ ليس في آلهة العرب ما كانوا يطعمونه الطعام.
ويجوز أن يراد التعريض بهم فيما يقدّمونه إلى أصنامهم من القرابين وما يهرقون عليها من الدماء، إذ لا يخلو فعلهم من اعتقاد أنّ الأصنام تنعم بذلك. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
سؤال : فإن قيل : كيف قال :﴿ وهو يُطعم ولا يُطْعَمْ ﴾ ولم يقل : وهو ينعم ولا ينعم عليه، وهذا أعم لتناوله الإطعام وغيره ؟
قلنا : لأن الحاجة إلى الرزق أمس فخُص بالذكر.
الثانى : أن كون المعبود آكلا متغوطا أقبح من كونه منعَما عليه، فلذلك ذكره. أ هـ ﴿ تفسير الرازى صـ ١٣٣﴾