وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ ﴾ بعد بيان أن اتخاذ غيره تعالى ولياً مما يقضي ببطلانه بديهة العقول ﴿ إِنّى أُمِرْتُ ﴾ من جناب وليي جل شأنه ﴿ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾ وجهه لله سبحانه وتعالى مخلصاً له لأن النبي عليه الصلاة والسلام مأمور بما شرعه إلا ما كان من خصائصه عليه الصلاة والسلام وهو إمام أمته ومقتداهم وينبغي لكل آمر أن يكون هو العامل أولاً بما أمر به ليكون أدعى للامتثال، ومن ذلك ما حكى الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام ﴿ سبحانك تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ].
وقيل : إن ما ذكر للتحريض كما يأمر الملك رعيته بأمر ثم يقول وأنا أول : من يفعل ذلك ليحملهم على الامتثال وإلا فلم يصدر عنه ﷺ امتناع عن ذلك حتى يؤمر به وفيه نظر.
﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين ﴾ أي في أمر من أمور الدين، وفي الكلام قول مقدر أي وقيل لي : لا تكونن، فالواو من الحكاية عاطفة للقول المقدر على ﴿ أُمِرْتُ ﴾، وحاصل المعنى إني أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك، وقيل : إنه معطوف على مقول ﴿ قُلْ ﴾ على المعنى إذ هو في معنى قل إني قيل لي كن أول مسلم ولا تكونن فالواو من المحكي، وقيل : إنه عطف على ﴿ قُلْ ﴾ على معنى أنه عليه الصلاة والسلام أمر بأن يقول كذا ونهى عن كذا، وتعقب بأن سلالة النظم تأبى عن فصل الخطابات التبليغية بعضها عن بعض بخطاب ليس منها، وجوز أن يعطفه على ﴿ إِنّى أُمِرْتُ ﴾ داخلاً في حيز ﴿ قُلْ ﴾ والخطاب لكل من المشركين، ولا يخفى تكلفه وتعسفه، وعدم صحة عطف على ﴿ أَكُونَ ﴾ ظاهر إذ لا وجه للالتفات ولا معنى لأن يقال أمرت أن لا تكونن. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ قُلْ إنى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين ﴾.
استئناف مكرّر لأسلوب الاستئناف الذي قبله.