ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾
والهمزة هنا في " أغير " يسمونها همزة الإنكار كقول قائل : أتسب أباك؟ إنها ليست استفهاماً بقدر ما هي توبيخ ولوم. وكذلك :﴿ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً ﴾. أي أن الحق يأمر رسوله أن يستنكر اتخاذ ولي غير الله.
إن اتخاذ الله كولي هو أمر ضروري ؛ لأن الإنسان تطرأ عليه أحداث تؤكد له أنه ضعيف وله أغيار، وساعة ضعف الإنسان لا بد أن يأوي إلى من هو أشد منه قوة ولا يتغير. إن الولي - وهو الله - قوته لا يمكن أن تصير ضعفاً، وغناه لا يمكن أن ينقلب فقراً، وعلمه لا يمكن أن يئول إلى جهل. إنه مُغيِّر ولا يتغير. ولذلك فمن نعمة الله على خلقه أنه جعل من نفسه وليّاً لهم، فهو صاحب الأغيار.
والحق سبحانه وتعالى يعلِّم خلقه أن يكونوا أهل حكمة ؛ يضعون الأمور في نصابها ويتوكلون عليه، فهو الحي الذي لا يموت. ونلحظ أن الحق هنا يأمر رسوله بالبلاغ عنه. وتتجلى هنا دقة الأداء القرآني فيأتي البلاغ كما نزل من الحق حرفياً. مثال ذلك قول الحق سبحانه :﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ [ الإخلاص : ١ ].
ويبلغنا الرسول ﷺ بالنص القرآني كما نزل عليه، مبتدئاً بكلمة " قل " ويبلغه الرسول لنا بأمانة البلاغ عن ربه. وهو هنا يقول :﴿ قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً ﴾. وهو الإله الذي جاءت كمالاته في الآيات السابقة ؛ الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور وله ما سكن في الليل والنهار، هذا الإله الحق هو الجدير بالعبادة.


الصفحة التالية
Icon