اعلم أنه تعالى لما ذكر صفة من ينهى عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام، وينأى عن طاعته بأنهم يهلكون أنفسهم شرح كيفية ذلك الهلاك بهذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٧﴾

فصل


قال الفخر :
قوله ﴿وَلَوْ تَرَى﴾ يقتضي الله جواباً وقد حذف تفخيماً للأمر وتظيماً للشأن، وجاز حذفه لعلم المخاطب به وأشباهه كثيرة في القرآن والشعر.
ولو قدرت الجواب، كان التقدير : لرأيت سوء منقلبهم أو لرأيت سوء حالهم وحذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، ألا ترى : أنك لو قلت لغلامك، والله لئن قمت إليك وسكت عن الجواب، ذهب بفكره إلى أنواع المكروه، من الضرب، والقتل، والكسر، وعظم الخوف ولم يدر أي الأقسام تبغي.
ولو قلت : والله لئن قمت إليك لأضربنك فأتيت بالجواب، لعلم أنك لم تبلغ شيئاً غير الضرب ولا يخطر بباله نوع من المكروه سواه، فثبت أن حذف الجواب أقوى تأثيراً في حصول الخوف.
ومنهم من قال جواب ﴿لَوْ﴾ مذكور من بعض الوجوه والتقدير ولو ترى إذ وقفوا على النار ينوحون ويقولون يا ليتنا نرد ولا نكذب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٧﴾
وقال السمرقندى :
﴿ وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى النَّار ﴾ قال الكلبي : يعني : حبسوا على النار.
وقال مقاتل يعني : عرضوا على النار.
وقال الضحاك : يعني : جمعوا على أبوابها.
ويقال : وقفوا على متن جهنم والنار تحتهم.
وروي في الخبر : أن الناس كلهم وقفوا على متن جهنم كأنها متن الأهالة، ثم نادى مناد خذي أصحابك، ودعي أصحابي. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار ﴾ شروع في حكاية ما سيصدر عنهم يوم القيامة من القول المناقض لما صدر عنهم في الدنيا من القبائح المحكية مع كونه كاذباً في نفسه.
والخطاب للنبي ﷺ أو لكل من له أهلية ذلك قصداً إلى بيان سوء حالهم وبلوغها من الشناعة إلى حيث لا يختص استغرابها دون راء.


الصفحة التالية
Icon