ومن فوائد الإمام القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار ﴾ أي إذ وُقفوا غداً، و"إذْ" قد تستعمل في موضع "إذا" و"إذا" في موضع "إذْ" وما سيكون فكأنه كان ؛ لأن خبر الله تعالى حقّ وصدق، فلهذا عَبَّر بالماضي.
ومعنى "إذْ وُقِفُوا" حبِسوا يُقال : وَقَفته وَقْفاً فوَقَف وُقوفاً.
وقرأ ابن السَّمَيْقع "إذْ وَقَفُوا" بفتح الواو والقاف من الوقوف.
﴿ عَلَى النار ﴾ أي هم فوقها على الصراط وهي تحتهم.
وقيل :"على" بمعنى الباء ؛ أي وَقَفوا بقربها وهم يُعاينونها.
وقال الضّحاك : جُمعوا ؛ يعني على أبوابها.
ويُقال : وُقفوا على مَتْن جهنم والنار تحتهم.
وفي الخبر : أن الناس كلهم يُوقفون على مَتْن جهنم كأنها مَتْن إهَالَة، ثم يُنادِي منادٍ خُذي أصحابك ودَعِي أصحابي.
وقيل :"وقفوا" دخلوها أعاذنا الله منها فعلى بمعنى "في" أي وقفوا في النار.
وجواب "لو" محذوف ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أبلغ في التخويف ؛ والمعنى : لو تراهم في تلك الحال لرأيت أسوأ حال، أو لرأيت منظَراً هائلاً، أو لرأيت أمراً عجباً وما كان مثل هذا التقدير.
قوله تعالى :﴿ فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين ﴾ بالرفع في الأفعال الثلاثة عطفاً قراءة أهل المدينة والكسائيّ ؛ وأبو عمرو أبو بكر عن عاصم بالضم.
ابن عامر على رفع "نكذّبُ" ونصب "ونكونَ" وكله داخل في معنى التمني ؛ أي تَمَنُّوا الردّ وَأَلاّ يُكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين.
واختار سيبويه القطع في "وَلا نكذّبُ" فيكون غير داخل في التمني ؛ المعنى : ونحن لا نُكذّبُ على معنى الثبات على ترك التكذيب ؛ أي لا نكذبُ رُدِدنا أو لم نُردّ ؛ قال سيبويه : وهو مثل قوله دعني ولا أعود أي لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني.


الصفحة التالية
Icon