ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار ﴾ لما ذكر تعالى حديث البعث في قوله ﴿ ويوم نحشرهم ﴾ واستطرد من ذلك إلى شيء من أوصافهم الذميمة في الدنيا، عاد إلى الأول وجواب ﴿ لو ﴾ محذوف لدلالة المعنى عليه وتقديره لرأيت أمراً شنيعاً وهولاً عظيماً وحذف جواب ﴿ لو ﴾ لدلالة الكلام عليه جائز فصيح ومنه ﴿ ولو أن قرآناً سيرت به الجبال ﴾ الآية.
وقول الشاعر :
وجدّك لو شيء أتانا رسوله...
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أي لو شيء أتانا رسوله سواك لدفعناه و﴿ ترى ﴾ مضارع معناه الماضي أي : ولو رأيت فإذ باقية على كونها ظرفاً ماضياً معمولاً لترى وأبرز هذا في صورة المضي وإن كان لم يقع بعد إجراء للمحقق المنتظر مجرى الواقع الماضي، والظاهر أن الرؤية هنا بصرية وجوزوا أن تكون من رؤية القلب والمعنى ولو صرفت فكرك الصحيح إلى تدبر حالهم لازددت يقيناً أنهم يكونون يوم القيامة على أسوإ حال، فيجتمع للمخاطب في هذه الحالة الخبر الصدق الصريح والنظر الصحيح وهما مدركان من مدارك العلم اليقين والمخاطب ب ﴿ ترى ﴾ الرسول أو السامع، ومعمول ﴿ ترى ﴾ محذوف تقديره ﴿ ولو ترى ﴾ حالهم ﴿ إذ ﴾ وقفوا.
وقيل :﴿ ترى ﴾ باقية على الاستقبال و﴿ إذ ﴾ معناه إذا فهو ظرف مستقبل فتكون ﴿ لو ﴾ هنا استعملت استعمال أن الشرطية، وألجأ من ذهب إلى هذا أن هذا الأمر لم يقع بعد.
وقرأ الجمهور وقفوا مبنياً للمفعول ومعناه عند الجمهور حبسوا على النار.


الصفحة التالية
Icon