قال ابن عطية : وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار عن أصحابه عن ابن عامر ﴿ ولا نكذب ﴾ بالرفع ﴿ ونكون ﴾ بالنصب ويتوجه ذلك على ما تقدم ؛ انتهى.
وكان قد قدم أن رفع ﴿ ولا نكذب ونكون ﴾ في قراءة باقي السبعة على وجهين أحدهما : العطف على ﴿ نرد ﴾ فيكونان داخلين في التمني.
والثاني الاستئناف والقطع، فهذان الوجهان يسوغان في رفع ﴿ ولا نكذب ﴾ على هذه القراءة وفي مصحف عبد الله فلا نكذب بالفاء وفي قراءة أبي فلا ﴿ نكذب بآيات ربنا أبداً ونكون ﴾.
وحكى أبو عمرو أن في قراءة أبي ونحن ﴿ نكون من المؤمنين ﴾ وجوزوا في رفع ﴿ ولا نكذب ونكون ﴾ أن يكون في موضع نصب على الحال فتلخص في الرّفع ثلاثة أوجه.
أحدها : أن يكون معطوفاً على ﴿ نرد ﴾ فيكون انتفاء التكذيب والكون من المؤمنين داخلين في التمني أي وليتنا لا نكذب، وليتنا نكون من المؤمنين، ويكون هذا الرفع مساوياً في هذا الوجه للنصب لأن في كليهما العطف وإن اختلفت جهتاه، ففي النصب على مصدر من الرد متوهم وفي الرّفع على نفس الفعل.
( فإن قلت ) : التمني إنشاء والإنشاء لا يدخله الصدق والكذب فكيف جاء قوله ﴿ وإنهم لكاذبون ﴾ وظاهره أن الله أكذبهم في تمنيهم فالجواب من وجهين : أحدهما أن يكون قوله ﴿ وإنهم لكاذبون ﴾ إخباراً من الله أن سجية هؤلاء الكفار هي الكذب، فيكون ذلك حكاية وإخباراً عن حالهم في الدّنيا لا تعلق به بمتعلق التمني.