وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ﴾ بل إضراب عن تَمنّيهم وادّعائهم الإيمان لو رُدّوا.
واختلفوا في معنى ﴿ بَدَا لَهُمْ ﴾ على أقوال بعد تعيين مَن المراد ؛ فقيل : المراد المنافقون لأن اسم الكفر مشتمل عليهم، فعاد الضمير على بعض المذكورين ؛ قال النحاس : وهذا من الكلام العَذْب الفصيح.
وقيل : المراد الكفار وكانوا إذا وعظهم النبيّ ﷺ خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يَفْطَن بهم ضعفاؤهم، فيظهر يوم القيامة ؛ ولهذا قال الحسن :"بَدَا لَهُمْ" أي بدا لبعضهم ما كان يُخفيه عن بعض.
وقيل : بل ظهر لهم ما كانوا يجحدونه من الشِّرك فيقولون :"وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنّا مُشْرِكِينَ" فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر فذلك حين "بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ".
قاله أبو رَوْق.
وقيل :"بَدَا لَهُمْ" ما كانوا يكتمونه من الكفر ؛ أي بدت أعمالهم السيئة كما قال :﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ ﴾ [ الزمر : ٤٧ ].
قال المبردّ : بدا لَهُم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه.
وقيل : المعنى بل ظهر للذين اتبعوا الغُواة ما كان الغُواة يخفون عنهم من أمر البعث والقيامة ؛ لأن بعده ﴿ وقالوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية