وأما قوله ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ فالمقصود منه التقريع والتبكيت لا السؤال، ويحتمل أن يكون معناه أين نفس الشركاء، ويحتمل أن يكون المراد أين شفاعتهم لكم وانتفاعكم بهم، وعلى كلا الوجهين : لا يكون الكلام إلا توبيخاً وتقريعاً وتقريراً في نفوسهم أن الذي كانوا يظنونه مأيوس عنه، وصار ذلك تنبيهاً لهم في دار الدنيا على فساد هذه الطريقة، والعائد على الموصول من قوله ﴿الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ محذوف، والتقدير : الذين كنتم تزعمون أنهم شفعاء، فحذف مفعول الزعم لدلالة السؤال عليه، قال ابن عباس : وكل زعم في كتاب الله كذب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٠﴾
وقال الطبرى :
قوله :﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ﴾
يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء المفترين على الله كذبًا، والمكذبين بآياته، لا يفلحون اليومَ في الدنيا، ولا يوم نحشرهم جميعًا - يعني : ولا في الآخرة.
ففي الكلام محذوف قد استغني بذكر ما ظَهر عما حذف.
وتأويل الكلام : إنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا، " ويوم نحشرهم جميعًا "، فقوله :" ويوم نحشرهم "، مردود على المراد في الكلام. لأنه وإن كان محذوفًا منه، فكأنه فيه، لمعرفة السامعين بمعناه " ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم "، يقول : ثم نقول، إذا حشرنا هؤلاء المفترين على الله الكذب، بادِّعائهم له في سلطانه شريكًا، والمكذِّبين بآياته ورسله، فجمعنا جميعهم يوم القيامة " أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون "، أنهم لكم آلهة من دون الله، افتراء وكذبًا، وتدعونهم من دونه أربابًا ؟ فأتوا بهم إن كنتم صادقين !. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ١٠ صـ ٢٩٧﴾


الصفحة التالية
Icon