ويجوز أن يكون المعنى : إن الحَيَاة إلا حياتنا الدُّنْيَا، فقوله " إلا حياتنا الدنيا " دالٌّ على ما يُفَسِّرُ الضمير، وهو الحَيَاةُ مُطْلقاً، فصدق عليه أنه لا يعلم ما يُرَادُ ما يعود عليه الضمير إلاَّ بذكر ما بعده من هذه الحَيْثِيَة لا من حيثيَّة التفسير، ويَدُلُّ على ما قلنا قول أبي البقاء - رحمه الله تعالى - : هي كِنَايَةٌ عن الحياة، ويجوز أن يكون ضمير القِصَّة.
قال شهاب الدين - رحمه الله تعالى - : أمَّا أوَّل كلامه فصحيح، وأمَّا آخره وهو قوله :" إن هي ضمير القصّة " فليس بشيء ؛ لأن ضمير القصِّة لا يفسَّرُ إلاَّ بجملةٍ مُصَرَّحٍِ بجزْأيْهَا.
فإن قيل : الكوفي يجوزُ تفسيره بالمفرد، فيكون نَحَا نَحْوهُمْ؟
فالجواب أنَّ الكوفيَّ إنما يُجَوِّزهُ بمفرد عامل عمل الفعل، نحو :" إنه قائم زيد " و" ظَنَنْتُهُ قائماً زيدٌ " لأنه في صورة الجملة إذ في الكلام مُسْنَدٌ ومُسْنَدٌ إليه.
أما نحو " هو زيد " فلا يجيزه أحدٌ، على أن يكون " هو " ضمير شأن لا قصّة، والدنيا صفة الحياة، وليست صِفَةً مزيلةً اشتراكاً عارضاً، يعني : أن ثَمَّ حياةً غير دنيا يُقرُّون بها ؛ لأنها لا يعرفون إلاَّ هذه، فيه صَفَةٌ لمجرد التوكيد، كذا قيل، ويعنون بذلك أنها لا مَفْهُومَ لها، وإلاَّ قحقيقةُ التوكيد غَيْرُ ظاهرةٍ بخلاف ﴿ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [ الحاقة : ١٣ ].
و" الباء " في قوله :" بمبعوثين " زائدةٌ لتأكيد الخبر المفني، ويحتمل مجرورها أن يكون مَنْصُوبَ المَحَلِّ على أنَّ " ما " هاهنا حجازيةٌ، أو مرفوعةٌ على أنها تميمية. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ٩٨ ـ ٩٩﴾


الصفحة التالية
Icon