وقال القرطبى :
﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ﴾ سؤال إفضاح لا إفصاح.
﴿ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أي في أنهم شفعاء لكم عند الله بزعمكم، وأنها تُقرّبكم منه زُلْفَى ؛ وهذا توبيخ لهم.
قال ابن عباس : كل زعم في القرآن فهو كذبٌ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ﴾ منصوبٌ على الظرفية بمُضمر مؤخَّرٍ قد حُذف إيذاناً بضيق العبارة عن شرحه وبيانه، وإيماءً إلى عدم استطاعة السامعين لسماعِه لكمال فظاعةِ ما يقع فيه من الطامة والداهية التامة، كأنه قيل : ويوم نحشرهم جميعاً ﴿ ثُمَّ نَقُولُ ﴾ لهم ما نقول كانَ من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرةُ المقال، وتقديرُ صيغةِ الماضي للدَلالة على التحقّق ولحُسنِ موقَعِ عطفِ قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ﴾ الخ عليه، وقيل : منصوب على المفعولية بمضمر مقدّم، أي واذكر لهم للتخويف والتحذير يوم نحشرهم الخ، وقيل : وليتقوا أو ليحذروا يوم نحشرهم الخ، والضمير للكل، وجميعاً حال منه وقرىء ( يَحشرُهم جميعاً ثم يقول ) بالياء فيهما ﴿ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾ أي نقول لهم خاصة للتوبيخ والتقريع على رؤوس الأشهاد ﴿ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ﴾ أي آلهتُكم التي جعلتموها شركاءَ لله سبحانه، وإضافتُها إليهم لما أن شِرْكتَها ليست إلا بتسميتهم وتقوُّلهم الكاذب كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أي تزعُمونها شركاءَ، فحُذِف المفعولان معاً، وهذا السؤالُ المُنبِىءُ عن غَيْبة الشركاءِ مع عموم الحشر لها لقوله تعالى :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ الله ﴾ وغيرِ ذلك من النصوص إنما يقع بعد ما جرى بينها وبينهم من التبرُّؤ من الجانبين، وتقطَّع ما بينهم من الأسباب والعلائقِ حسبما يحكيه من قوله تعالى :﴿ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ الخ، ونحوُ ذلك من الآيات الكريمة، إما بعدم حضورِها حينئذٍ في الحقيقة بإبعادها من ذلك الموقف، وإما بتنزيل عدمِ حضورها بعُنوان الشِرْكة والشفاعة منزلةَ عدم حضورها في الحقيقة، إذ ليس السؤالُ عنها من حيث ذواتُها، بل إنما هو من حيث إنها شركاءُ كما يُعرب عنه الوصفُ بالموصول، ولا ريب في أن عدم الوصفِ يوجب عدمَ


الصفحة التالية
Icon