وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ﴾
هم - إذن - قد خافوا وارتبكوا وطلبوا العودة للحياة الدنيا ؛ لأن ما شاهدوه هول كبير، فما بالك إذا وقفوا على الله؟ إنه موقف مرعب. وإذا كان الحق قد حذف من قبل الجواب عندما أوقفهم على النار ؛ فالأولى هنا أن يحذف الجواب، حتى يترك للخيال أن يذهب مذاهب شتى.. إنه ارتقاء في الهول.
وهكذا نرى التبكيت لهم في قول الحق :﴿ أَلَيْسَ هذا بالحق ﴾ إنهم يفاجأون بوجود إله يقول لهم بعد أن يشهدوا البعث ويقفوا على النار :﴿ أَلَيْسَ هذا بالحق ﴾ ؟ وسبحانه وتعالى لا يستفهم منهم ولكنه يقرر، وقد شاء أن يكون الإقرار منهم، فيقولون :" بلى " لأن الأمر لا يحتاج - إذن - إلى مكابرة. و" بلى " حرف يجعل النفي إثباتاً.
ويطرح الحق هذه المسألة بالنفي حتى لا يظن ظان أن هناك تلقيناً للجواب. ويصدر حكم الحق :﴿ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ وهكذا يذوقون العذاب الذي كانوا به يكذبون. وذوْق العذاب ليس من صفة القهر والجبروت ؛ لأن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولكن بسبب أنهم قدموا ما يوجب أن يعذبوا عليه. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon