وقال أبو حيان :
﴿ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ﴾ لما ذكر قولهم وقالوا :﴿ إن هي إلا حياتنا الدنيا ﴾ ذكر مصيرها وإن منتهى أمرها أنها فانية منقضية عن قريب، فصارت شبيهة باللهو واللعب إذ هما لا يدومان ولا طائل لهما كما أنها لا طائل لها، فاللهو واللعب اشتغال بما لا غنى به ولا منفعة كذلك هي الدنيا بخلاف الاشتغال بأعمال الآخرة فإنها التي تعقب المنافع والخيرات.
وقال الحسن : في الكلام حذف التقدير وما أهل الحياة إلا أهل لعب ولهو.
وقيل : التقدير وما أعمال الحياة.
وقال ابن عباس : هذه حياة الكافر لأنه يزجيها في غرور وباطل، وأما حياة المؤمن فتطوى على أعمال صالحة فلا تكون لعباً ولهواً وفي الحديث :" ما أنا من الدد ولا الدد مني " والدد اللعب واللعب واللهو قيل : هما بمعنى واحد وكرر تأكيداً لذم الدنيا.
وقال الرماني : اللعب عمل يشغل عما ينتفع به إلى ما لا ينتفع به، واللهو صرف النفس عن الجدّ إلى الهزل يقال : لهيت عنه أي صرفت نفسي عنه ورد عليه المهدوي، فقال هذا : فيه ضعف وبعد لأن الذي معناه الصرف لامه ياء بدليل قولهم : لهيان ولام الأول واو ؛ انتهى.
وهذا التضعيف ليس بشيء لأن فعل من ذوات الواو تنقلب فيه الواو ياء كما تقول : شقي فلان وهو من الشقوة فكذلك لهي، أصله لهو من ذوات الواو فانقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها فقالوا : لهي كما قالوا : حلى بعيني وهو من الحلو وأما استدلاله بقولهم في التثنية لهيان ففاسد لأن التثنية هي كالفعل تنقلب فيه الواو ياء لأن مبناها على المفرد وهي تنقلب في المفرد في قولهم : له اسم فاعل من لهي كما قالوا : شج وهو من الشجو، وقالوا في تثنيته : شجيان بالياء وقد تقدم ذكر شيء من هذا في المفردات. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية