وقال الشوكانى :
قوله :﴿ قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله ﴾ هم الذين تقدّم ذكرهم.
والمراد من تكذيبهم بلقاء الله تكذيبهم بالبعث، وقيل تكذيبهم بالجزاء.
والأوّل أولى، لأنهم الذين قالوا قريباً :﴿ إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ [ الأنعام : ٢٩ ] ﴿ حتى إِذَا جَاءتْهُمُ الساعة بَغْتَةً ﴾ أي القيامة، وسميت ساعة لسرعة الحساب فيها.
ومعنى بغتة : فجأة، يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتاً وبغتة.
قال سيبويه : وهي مصدر في موضع الحال، قال : ولا يجوز أن يقاس عليه، فلا يقال : جاء فلان سرعة، و" حتى } غاية للتكذيب لا للخسران، فإنه لا غاية له ﴿ قَالُواْ ياحسرتنا ﴾ هذا جواب ﴿ إذا جاءتهم ﴾ أوقعوا النداء على الحسرة، وليست بمنادى في الحقيقة ليدلّ ذلك على كثرة تحسرهم.
والمعنى : يا حسرتنا احضري، فهذا أوانك، كذا قال سيبويه في هذا النداء وأمثاله، كقولهم يا للعجب ويا للرجل.
وقيل : هو تنبيه للناس على عظم ما يحلّ بهم من الحسرة، كأنهم قالوا : يا أيها الناس تنبهوا على عظيم ما بنا من الحسرة، والحسرة : الندم الشديد ﴿ على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ﴾ أي على تفريطنا في الساعة، أي في الاعتداد لها، والاحتفال بشأنها، والتصديق بها.


الصفحة التالية
Icon