وأما قوله ﴿والموتى يَبْعَثُهُمُ الله﴾ ففيه قولان : الأول : أنه مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة والمراد : أنه تعالى هو القادر على أن يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ثم إليه يرجعون للجزاء، فكذلك ههنا أنه تعالى هو القادر على إحياء قلوب هؤلاء الكفار بحياة الإيمان وأنت لا تقدر عليه.
والقول الثاني : أن المعنى : وهؤلاء الموتى يعني الكفرة يبعثهم الله ثم إليه يرجعون، فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استمعاهم، وقريء ﴿يَرْجِعُونَ﴾ بفتح الياء.
وأقول : لا شك أن الجسد الخالي عن الروح يظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات، وأصلح أحواله أن يدفن تحت التراب، وأيضاً الروح الخالية عن العقل يكون صاحبها مجنوناً يستوجب القيد والحبس والعقل بالنسبة إلى الروح كالروح بالنسبة إلى الجسد، وأيضاً العقل بدون معرفة الله تعالى وصفاته وطاعته كالضائع الباطل، فنسبة التوحيد والمعرفة إلى العقل كنسبة العقل إلى الروح، ونسبة الروح إلى الجسد فمعرفة الله ومحبته روح روح الروح فالنفس الخالية عن هذه المعرفة تكون بصفة الأموات، فلهذا السبب وصف الله تعالى أولئك الكفار المصرين بأنهم الموتى. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٧٢﴾


الصفحة التالية
Icon