والكافر روحه خالية عن العقل فيظهر منه جهله بالله تعالى ومخالفاته لأمره وعدم قبوله لمعجزات الرسل، وإذا كانت روحه خالية من العقل كان مجنوناً فأحسن أحواله أن يقيَّد ويحبس.
فالعقل بالنسبة إلى الرّوح كالروح بالنسبة إلى الجسد.
وإذا كان المراد بالموتى هنا الكفار فقيل البعث يراد به حقيقته من الحشر يوم القيامة والرجوع هو رجوعهم إلى سطوته وعقابه، قاله مجاهد وقتادة.
وعلى هذا تكون هذه الجملة متضمنة الوعيد للكفار.
وقيل الموت والبعث حقيقة والجملة مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة بأنه هو الذي يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ﴿ ثم إليه يرجعون ﴾ للجزاء، فكان قادراً على هؤلاء الموتى بالكفر أن يحييهم بالإيمان وأنت لا تقدر على ذلك قاله الزمخشري.
وقيل الموت والبعث مجازان استعير الموت للكفر والبعث للإيمان.
فقيل الجملة من قوله ﴿ والموتى يبعثهم الله ﴾ مبتدأ وخبر أي والموتى بالكفر يحييهم الله بالإيمان.
وقيل ليس جملة بل ﴿ الموتى ﴾ معطوف على ﴿ الذين يسمعون ﴾، و﴿ يبعثهم ﴾ الله جملة حالية.
والمعنى إنما يستجيب الذين يسمعون سماع قبول، فيؤمنون بأول وهلة والكفار حتى يرشدهم الله تعالى ويوفقهم للإيمان، فلا تتأسف أنت ولا تستعجل ما لم يقدر.
وقرىء ثم إليه يرجعون بفتح الياء من رجع اللازم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ ﴾ تقرير لما يفهمه الكلام السابق من أنهم لا يؤمنون.
والاستجابة بمعنى الإجابة، وكثيراً ما أجرى استفعل مجرى أفعل كاستخلص بمعنى أخلص واستوقد بمعنى أوقد إلى غير ذلك.
ومنه قول الغنوي
: وداع دعا يا من يجيب إلى الندا...
فلم يستجبه عند ذاك مجيب