وقال أبو حيان :
وقرأ علي ونافع والكسائي بتخفيف ﴿ يكذبونك ﴾.
وقرأ باقي السبعة وابن عباس بالتشديد.
فقيل : هما بمعنى واحد نحو كثر وأكثر.
وقيل : بينهما فرق حكى الكسائي أن العرب تقول : كذبت الرجل إذ نسبت إليه الكذب وأكذبته إذا نسبت الكذب إلى ما جاء به دون أن تنسبه إليه وتقول العرب أيضاً : أكذبت الرجل إذا وجدته كذاباً كما تقول : أحمدت الرجل إذا وجدته محموداً فعلى القول بالفرق يكون معنى التخفيف لا يجدونك كاذباً أو لا ينسبون الكذب إليك، وعلى معنى التشديد يكون إما خبراً محضاً عن عدم تكذيبهم إياه ويكون من نسبة ذلك إلى كلهم على سبيل المجاز والمراد به بعضهم لأنه معلوم قطعاً أن بعضهم كان يكذبه، ويكذب ما جاء به وإما أن يكون نفي التكذيب لانتفاء ما يترتب عليه من المضار فكأنه قيل ﴿ لا يكذبونك ﴾ تكذيباً يضرك لأنك لست بكاذب فتكذيبهم كلا تكذيب.
وقال في المنتخب : لا يراد بقوله :﴿ لا يكذبونك ﴾ خصوصية تكذيبه هو، بل المعنى أنهم ينكرون دلالة المعجزة على الصدق مطلقاً فالمعنى ﴿ لا يكذبونك ﴾ على التعيين بل يكذبون جميع الأنبياء والرسل.
وقال قتادة والسدي :﴿ لا يكذبونك ﴾ بحجة وإنما هو تكذيب عناد وبهت.
وقال ناجية بن كعب : لا يقولون إنك كاذب لعلمهم بصدقك ولكن يكذبون ما جئت به.
وقال ابن السائب ومقاتل :﴿ لا يكذبونك ﴾ في السر، ولكن يكذبونك في العلانية عداوة.
وقال : لا يقدرون على أن يقولوا لك فيما أنبأت به مما في كتبهم كذبت ذكره الزجاج ورجح قراءة على بالتخفيف بعضهم، ولا ترجيح بين المتواترين.