والجواب من وجهين : الأول : أنه خص ما في الأرض بالذكر دون ما في السماء احتجاجاً بالأظهر لأن ما في السماء وإن كان مخلوقاً مثلنا فغير ظاهر، والثاني : أن المقصود من ذكر هذا الكلام أن عناية الله تعالى لما كانت حاصلة في هذه الحيوانات فلو كان إظهار المعجزات القاهرة مصلحة لما منع الله من إظهارها.
وهذا المقصود إنما يتم بذكر من كان أدون مرتبة من الإنسان لا بذكر من كان أعلى حالاً منه، فلهذا المعنى قيد الدابة بكونها في الأرض.
السؤال الثالث : ما الفائدة في قوله ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ ؟ مع أن كل طائر إنما يطير بجناحيه.
والجواب فيه من وجوه : الأول : أن هذا الوصف إنما ذكر للتأكيد كقوله نعجة أنثى وكما يقال : كلمته بفي ومشيت إليه برجلي.
الثاني : أنه قد يقول الرجل لعبده طِرْ في حاجتي والمراد الإسراع وعلى هذا التقدير : فقد يحصل الطيران لا بالجناح.
قال الحماسي :
طاروا إليه زرافات ووحدانا.. فذكر الجناح ليتمحض هذا الكلام في الطير.
والثالث : أنه تعالى قال في صفة الملائكة ﴿جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مثنى وثلاث ورباع﴾ [ فاطر : ١ ] فذكر ههنا قوله ﴿وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ ليخرج عنه الملائكة فإنا بينا أن المقصود من هذا الكلام إنما يتم بذكر من كان أدون حالاً من الإنسان لا بذكر من كان أعلى حالاً منه.
السؤال الرابع : كيف قال :﴿إِلاَّ أُمَمٌ﴾ مع إفراد الدابة والطائر ؟
والجواب : لما كان قوله ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ وَلاَ طَائِرٍ﴾ دالاً على معنى الاستغراق ومغنياً عن أن يقول : وما من دواب ولا طيور لا جرم حمل قوله ﴿إِلاَّ أُمَمٌ﴾ على المعنى.
السؤال الخامس : قوله ﴿إِلاَّ أُمَمٌ أمثالكم﴾ قال الفرّاء : يقال إن كل صنف من البهائم أمة وجاء في الحديث :" لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها " فجعل الكلاب أمة.