﴿ ولكن الظالمين بئايات الله يَجْحَدُونَ ﴾ أي ولكنهم بآياته تعالى يكذّبون فوضَعَ المُظهرَ موضعَ المُضمر تسجيلاً عليهم بالرسوخ في الظلم الذي يُعتبر جحودُهم هذا فناً من فنونه، والالتفاتُ إلى الاسم الجليل لتربية المهابة واستعظام ما أقدموا عليه من جحود آياته تعالى، وإيرادُ الجحود في مورد التكذيب للإيذان بأن آياتِه تعالى من الوضوح بحيث يشاهد صدقها كلُّ أحد وأن من ينكرها فإنما ينكرها بطريق الجحود الذي هو عبارةٌ عن الإنكار مع العلم بخلافه كما في قوله تعالى :﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ﴾ وهو المعنيُّ بقول من قال : إنه نفْيُ ما في القلب إثباتُه، أو إثباتُ ما في القلب نفيُه، والباء متعلقة بيجحدون ويقال : جحد حقَّه وبحقِّه إذا أنكره وهو يعلمه، وقيل : هو لتضمين الجحود معنى التكذيب، وأياً ما كان فتقديمُ الجارِّ والمجرور للقَصْر وقيل : المعنى فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم ولكنهم يجحدون بألسنتهم، ويعضُده ما رُوي من أن الأخْنَسَ بنَ شُرَيْقٍ قال لأبي جهل : يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس عندنا أحدٌ غيرُنا فقال له : والله إن محمداً لصادقٌ وما كذَب قطُّ ولكن إذا ذهب بنو قُصيَ باللواءِ والسِّقاية والحِجابة والنبوّة فماذا يكونُ لسائر قريش؟ فنزلت.