فالجواب : أنه لا يحفظ من كلام العرب تعدية شاء بالباء لا يحفظ شاء الله بكذا ولا يلزم من كون الشيء في معنى الشيء أن يعدى تعديته، بل قد يختلف تعدية اللفظ الواحد باختلاف متعلقه ألا ترى أنك تقول : دخلت الدار ودخلت في غمار الناس، ولا يجوز دخلت غمار الناس فإذا كان هذا وارداً في الفعل الواحد فلأن يكون في الفعلين أحرى، وإذا تقرّر هذا فإعراب من يحتمل وجهين أحدهما وهو الأولى أن يكون مبتدأ جملة الشرط خبره والثاني أن يكون مفعولاً بفعل محذوف متأخر عنه يفسره فعل الشرط من حيث المعنى، وتكون المسألة من باب الاشتغال التقدير من يشق الله يشأ إضلاله ومن يسعد يشأ هدايته ﴿ يجعله على صراط مستقيم ﴾ وظاهر الآية يدل على مذهب أهل السنة في أن الله تعالى هو الهاديّ وهو المضل، وأن ذلك معذوق بمشيئته لا يسأل عما يفعل وقد تأولت المعتزلة هذه الآية كما تأولوا غيرها فقالوا : معنى ﴿ يضلله ﴾ يخذله ويخبله وضلاله لم يلطف به لأنه ليس من أهل اللطف، ومعنى ﴿ يجعله على صراط مستقيم ﴾ يلطف به لأن اللطف يجري عليه وهذا على قول الزمخشري.
وقال غيره : يضلله عن طريق الجنة و﴿ يجعله على صراط مستقيم ﴾ هو الصراط الذي يسلكه المؤمنون إلى الجنة، قالوا : وقد ثبت بالدليل أنه تعالى لا يشاء هذا الضلال إلا لمن يستحق العقوبة كما لا يشاء الهدى إلا للمؤمنين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾