وفي "القاموس" "النبأ محركة الخبر جمعه أنباء" وقيده بعضهم، وقد مرت الإشارة إليه بما له شأن، وهو عند الأخفش المجوز زيادة من في الإثبات وقبل المعرفة مخالفاً في ذلك لسيبويه فاعل ( جاء )، وصحح أن الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي النبأ أو البيان، والجار متعلق بمحذوف وقع حالاً منه، وقيل وإليه يشير كلام الرماني إنه محذوف والجار والمجرور صفته أي ولقد جاءك نبأ كائن من نبأ المرسلين، وفيه أن الفاعل لا يجوز حذفه هنا، وقال أبو حيان : الذي يظهر لي أن الفاعل ضمير عائد على ما دل عليه المعنى من الجملة السابقة أي ولقد جاءك هذا الخبر من التكذيب وما يتبعه.
وقيل وربما يشعر به كلام "الكشاف" : إن من هي الفاعل، والمراد بعض أنبائهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾
عطف على جملة ﴿ فإنّهم لا يكذّبونك ﴾ [ الأنعام : ٣٣ ] أو على جملة ﴿ ولكنّ الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾ [ الأنعام : ٣٣ ].
ويجوز أن تكون الواو واو الحال من الكلام المحذوف قبل الفاء، أي فلا تحزن، أو إن أحزنك ذلك فإنّهم لا يكذّبونك والحال قد كذّبت رسل من قبلك.
والكلام على كلّ تقدير تسلية وتهوين وتكريم بأنّ إساءة أهل الشرك لمحمد عليه الصلاة والسلام هي دون ما أساء الأقوام إلى الرسل من قبله ؛ فإنّهم كذّبوا بالقول والاعتقاد وأمّا قومه فكذّبوا بالقول فقط.
وفي الكلام أيضاً تأسَ للرسول بمن قبله من الرسل.
ولام القسم لتأكيد الخبر بتنزيل الرسول ﷺ منزلة من ذهل طويلاً عن تكذيب الرسل لأنّه لمّا أحزنه قول قومه فيه كان كمن بعُد علمه بذلك.
و﴿ من قبلك ﴾ وصف كاشف لِ ﴿ رُسل ﴾ جيء به لتقرير معنى التأسّي بأنّ ذلك سنّة الرسل.


الصفحة التالية
Icon