ولعلّ اختيار الابتغاء في الأرض والسماء أنّ المشركين سألوا الرسول عليه والصلاة والسلام آيات من جنس ما في الأرض، كقولهم ﴿ حتّى تُفجّر لنا من الأرض ينبوعاً ﴾ [ الإسراء : ٩٠ ]، ومن جنس ما في السماء، كقولهم :﴿ أو ترقى في السماء ﴾ [ الإسراء : ٩٣ ].
وقوله :﴿ بآية ﴾ أي بآية يسلّمون بها، فهنالك وصف محذوف دلّ عليه قوله :﴿ إعراضهم ﴾، أي عن الآيات التي جئتهم بها.
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه فعل الشرط، وهو ﴿ استطعت ﴾.
والشرط وجوابه مستعملان مجازاً في التأييس من إيمانهم وإقناعهم، لأنّ الله جعل على قلوبهم أكنّة وفي آذانهم وقراً وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها.
ويتعيّن تقدير جواب الشرط ممّا دلّ عليه الكلام السابق، أي فأتهم بآية فإنّهم لا يؤمنون بها، كما يقول القائل للراغب في إرضاء مُلحّ.
إن استطعت أن تجلب ما في بيتك، أي فهو لا يرضى بما تقصر عنه الاستطاعة بلْهَ ما في الاستطاعة.
وهو استعمال شائع، وليس فيه شيء من اللوم ولا من التوبيخ، كما توهّمه كثير من المفسّرين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾