والذي يظهر أنه تعالى لما أرسل إلى هؤلاء الأمم كذبوهم وآذوهم فابتلاهم الله تارة بالبلاء، وتارة بالرخاء فلم يؤمنوا فأهلكهم واستراح الرسل من شرهم وتكذيبهم وصار ذلك نعمة في حق الرسل إذ أنجز الله وعده على لسانهم بهلاك المكذبين فناسب هذا الفعل كله الختم بالحمدلة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ ﴾ أي آخرهم كما قال غير واحد، وهو من دبره إذا تبعه فكأنه في دبره أي خلفه، ومنه "إن من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبراً" أي في آخر الوقت.
وقال الأصمعي : الدابر الأصل ؛ ومنه قطع الله دابره أي أصله.
وأياً ما كان فالمراد أنهم استؤصلوا بالعذاب ولم يبق منهم أحد، ووضع الظاهر موضع الضمير للإشعار بعلة الحكم.
﴿ والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ على ما جرى عليهم من النكال والإهلاك فإن إهلاك الكفار والعصاة من حيث إنه تخليص لأهل الأرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة يحق أن يحمد عليها فهذا منه تعالى تعليم للعباد أن يحمدوه على مثل ذلك، واختار الطبرسي أنه حمد منه عز اسمه لنفسه على ذلك الفعل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة ﴿ فقطع دابر القوم ﴾ معطوفة على جملة ﴿ أخذناهم ﴾، أي فأخذناهم أخذ الاستئصال.
فلم يُبق فيهم أحداً.
والدابر اسم فاعل من دَبَره من باب كَتَب، إذا مشى من ورائه.


الصفحة التالية
Icon