ثالثها : أن يكون إنشاءَ حمد لله تعالى من قِبَل جلاله مستعملاً في التعجيب من معاملة الله تعالى إيّاهم وتدريجهم في درجات الإمهال إلى أن حقّ عليهم العذاب.
ويجوز أن يكون إنشاءَ الله تعالى ثناء على نفسه، تعريضاً بالامتنان على الرسول والمسلمين.
واللام في ﴿ الحمد ﴾ للجنس، أي وجنس الحمد كلّه الذي منه الحمد على نعمة إهلاك الظالمين.
وفي ذلك كلّه تنبيه على أنَّه يحقّ الحمد لله عند هلاك الظلمة، لأنّ هلاكهم صلاح للناس، والصلاح أعظم النعم، وشكر النعمة واجب.
وهذا الحمد شكر لأنّه مقابل نعمة.
وإنّما كان هلاكهم صلاحاً لأنّ الظلم تغيير للحقوق وإبطال للعمل بالشريعة، فإذا تغير الحقّ والصلاح جاء الدمار والفوضى وافتتن الناس في حياتهم فإذا هلك الظالمون عاد العدل، وهو ميزان قوام العالم.
أخرج أحمد بن حنبل عن عقبة بن عامر عن النبي ﷺ قال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحبّ فإنّما هو استدراح ثم تلا رسول الله ﷺ ﴿ فلمّا نسُوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾