وقال قتادة : بغت القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون - روى ذلك ابن أبي حاتم -.
الثاني -قال الرازيّ : قال أهل المعاني : وإنما أخذوا في حال الرخاء والراحة ليكون أشد، لتحسرهم على ما فاتهم من السلامة والعافية.
الثالث - قال الزمخشري : في قوله تعالى :﴿ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة، وأنه من أجل النعم، وأجزل القسم. أي : فهو إخبار بمعنى الأمر، تعليماً للعباد.
قال الناصر في " الانتصاف " : ونظيرها قوله تعالى :﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِين ﴾ [ النمل : ٥٨ - ٥٩ ] فيمن وقف ههنا، وجعل الحمد على إهلاك المتقدم ذكرهم من الطاغين، ومنهم من وقف على :﴿ المُنذَرين ﴾ وجعل الحمد متصلاً بما بعده من إقامة البراهين على وحدانية الله تعالى، وأنه جل جلاله خير مما يشركون. فعلى الأول يكون الحمد ختماً، وعلى الثاني فاتحة، وهو مستعمل فيهما شرعاً، ولكنه في آية النمل أظهر في كونه مفتتحاً لما بعده، وفي آية الأنعام ختم لما تقدمه حتماً، إذ لا يقتضي السياق غير ذلك. انتهى.
فقلت : إذا جرينا على ما هو الأسدّ في الآي من توافق النظائر، اقتضى حمل آية النمل على ما هنا، وادعاء الأظهرية فيها ممنوع. فإن التنزيل يفسر بعضه بعضاً. فتأمل. ثم أمر تعالى رسوله بتكرير التبكيت عليهم. وتثنية الإلزام. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٦ صـ ٣٦٦ ـ ٣٦٨﴾