وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ﴾
أي : أذهبها، ﴿ وختم على قلوبكم ﴾ حتى لا تعرفون شيئا، ﴿ من إله غيرُ الله يأتيكم به ﴾ في هاء "به" ثلاثة أقوال.
أحدها : أنها تعود على الفعل، والمعنى : يأتيكم بما أخذ الله منكم، قاله الزجاج.
وقال الفراء : إذا كنيت عن الأفاعيل، وإن كثرتْ، وحَّدتَ الكناية، كقولك للرجل : إقبالك وإدبارك يؤذيني.
والثاني : أنها تعود إلى الهدى، ذكره الفراء.
فعلى هذا تكون الكناية عن غير مذكور، ولكن المعنى يشتمل عليه، لأن من أُخذ سمعه وبصره وُختم على قلبه لم يهتد.
والثالث : أنها تعود على السمع، ويكون ما عُطف عليه داخلاً معه في القصة، لأنه معطوف عليه، ذكره الزجاج.
والجمهور يقرؤون :﴿ مَن إِله غير الله يأتيكم بهِ انظُر ﴾ بكسر هاء "به".
وروى المسيبَّي، عن نافع :"بهُ انظر" بالضم.
قال أبو علي : من كسر، حذف الياء التي تلحق الهاء، في نحو : بهي عيب ؛ ومن ضم فعلى قول من قال : فخسفنا بهو وبدارهو الأرض، فحذف الواو.
قوله تعالى :﴿ انظر كيف نصرف الآيات ﴾ قال مقاتل : يعني تكون العلامات في أُمور شتى، فيخوفهم بأخذ الأسماع والأبصار والقلوب، وبما صُنع بالأُمم الخالية ﴿ ثم هم يصدفون ﴾ أي : يعرضون فلا يعتبرون. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ ﴾.
أي أذهب وانتزع.
ووحد "سمعكم" لأنه مصدر يدل على الجمع.
﴿ وَخَتَمَ ﴾ أي طبع، وقد تقدّم في "البقرة".
وجواب "إنْ" محذوف تقديره : فمن يأتيكم به، وموضعه نصب ؛ لأنها في موضع الحال، كقولك : اضربه إن خرج أي خارجاً.
ثم قيل : المراد المعاني القائمة بهذه الجوارح، وقد يذهب الله الجوارح والأعراض جميعاً فلا يبقي شيئاً، قال الله تعالى :﴿ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً ﴾ [ النساء : ٤٧ ].
والآية احتجاج على الكفار.


الصفحة التالية
Icon